بعد اسبوعين، ستعرض شركة «وارنر» للإنتاج السينمائي فيلم «تاول هيد» (منشفة على الرأس) عن فتاة عربية هاجرت الى اميركا، وواجهت تعقيدات الحياة فيها. ورغم ان قصة الفيلم اثارت جدلا، لكن اسمه اثار جدلا اكبر. وذلك لأن بعض الاميركيين يستعملون وصف «تاول هيد» للإساءة الى العرب والمسلمين، خاصة لأنهم يقصدون الرجل الذي يضع كوفية أو غترة على رأسه.
وقال ابراهيم هوبر، مسؤول الاعلام في مجلس العلاقات الاسلامية الاميركية (كير) لـ«الشرق الاوسط»: «نحن لا نعترض على قصة الفيلم بقدر ما نعترض على اسمه. نحن نعرف الاميركيين، ونحن هنا معهم، ونعرف ان كلمة «تاول هيد» كلمة تسيء للعرب والمسلمين».
واضاف: «اتصلنا مع شركة «وارنر»، وقلنا لهم انتم شركة كبيرة، وافلامكم ناجحة، وتنتشر حول العالم. وعندما تستعملون هذا الوصف في وصف العرب والمسلمين، تروجون للاسم، وتجعلونه جزءا من نظرة الناس، في اميركا وفي غير اميركا، للعرب والمسلمين».
وكانت الكلمة قد انتشرت بعد هجوم 11 سبتمبر في وصف العرب والمسلمين، وخاصة الرجال. ثم زاد استعمال الكلمة لأن الجنود الاميركيين في العراق صاروا يستعملونها في وصف كل عراقي. وانتقلت الكلمة الى الافلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية، ثم صارت مصدر تندر في برامج الفكاهيين التلفزيونية.
وهناك من يستعمل كلمة «راق هيد» (خرقة على الرأس)، ويعتبرها العرب والمسلمون اكثر اساءة من «منشفة على الرأس».
تدور قصة الفيلم حول «جسيرة»، الفتاة اللبنانية التي ارسلت الى ولاية تكساس، لتعيش مع والدها المتشدد جدا، خلال حرب الخليج الاولى. وتدور احداث الفيلم بين تناقضات الثقافتين العربية والاميركية، وبين تناقضات فتاة عربية متحررة ووالد متشدد. هذا بالاضافة الى قصة غرام بينها وبين جارها، وهو عسكري متشدد ايضا، ولكن بصورة مختلفة.
لهذا، يحوي الفيلم صورا سياسية، وعسكرية، وعرقية، وجنسية، ودينية. وتقوم بدور «جسيرة» الممثلة الاميركية العربية الشابة سمر بيشيل. وقال الان بول، منتج الفيلم: «عندما شاهدتها اول مرة، لاحظت صغر سنها وملامحها وجرأتها، وقلت هذه هي بطلتي المفضلة».
سمر بيشيل عمرها عشرون سنة. ومثلت دورا ثانويا في فيلم «كروس اوفر»، مع عمالقة مثل: هاريسون فورد، وشين بين. لكن، كان ذلك الدور «معقولا»، لانها مثلت دور «تسليمة»، الفتاة التي هاجرت من بنغلاديش الى اميركا. وكانت حريصة على أداء الصلاة، والالتزام بالاسلام.
ولدت سمر في كليفورنيا. وقالت مجلة «فاراياتي» الفنية ان والدتها اميركية، ووالدها سعودي من أصل هندي. وعندها شقيقتان وشقيق. وكان عمرها ثلاث سنوات، عندما انتقلت العائلة من كاليفورنيا الى السعودية والبحرين وباكستان، ثم عادت إلى اميركا.
بدأت سمر التمثيل وعمرها اربع عشرة سنة. وقالت: «منذ ان كان عمري خمس سنوات، كنت اريد ان اكون ممثلة». وظهرت لأول مرة في مسلسل «نيكيلوديون» التلفزيوني. ثم تقمصت أدوارا ثانوية في افلام اخرى.
وقالت المجلة ان والديها شجعاها لتكون ممثلة. وفي هذا الفيلم، لم يرفضا مشاهد تعرضها للاغتصاب على يد جارها العسكري.
وقالت المجلة ان سمر أصرت على عدم تصويرها في ملابس خليعة. حتى منظر الاغتصاب، صور بدون كشف ما تحت كتفيها. وقالت للمجلة: «أريد أفلاما تصور حياتي كأميركية لكن مع جذور غير اميركية. صراع بين القبول والرفض، وبين الامل واليأس. مع انتصار القبول والأمل». وفي تعليقات الصحف الاميركية على الفيلم بعض الغمز. مثل: «فيلم يدعو للجدل» في مجلة «فاراياتي» نفسها. ومثل: «فيلم لن يجعلنا نخاف» في مجلة «ايلي» النسائية، اشارة الى ان الاميركيين يقدرون على انتاج افلام عن العرب والمسلمين بدون الخوف منهم.
يصور بوستر الفيلم الممثلة سمر بيشيل (في دور البطلة «جسيرة»)، وهي ترتدي فستانا عاديا، وتقف امام منزلها في ما يبدو انه ضاحية راقية.
اعتمد الفيلم على قصة كتبتها اليشيا ايريان وتحمل نفس اسم الفيلم «تاول هيد»، أما الإخراج فكان من نصيب ألان بول الذي سبق له أن اخرج، قبل عشر سنوات، فيلم «اميركان بيوتي» (جمال اميركي) المثير، عن مغامرات فتاة اميركية. لكن، يبدو ان المشاهد الخليعة في ذلك الإنتاج لا تتكرر في فيلم سمر.
وجرى في السنة الماضية، عرض تجريبي للفيلم في مهرجان الافلام بمدينة تورنتو، في كندا، وكان اسمه «نوثنغ از برايفيت» (لا شيء خاص). لهذا، كان قادة المنظمات الاميركية والاسلامية في اميركا يفضلون لو لم يتغير اسم الفيلم. لكن المخرج قرر ان يعود الى الاسم في القصة التي اعتمد عليها الفيلم. وكان فرع مجلس «كير» في لوس انجلوس ارسل خطاب احتجاج الى شركة «وارنر» للانتاج السينمائي. واقترح ان يكون اسم الفيلم «نوثنغ از برايفيت» (لا شيء خاص)، وذلك تمشيا مع قصة الفيلم.
وقال حسام علوش، مدير مكتب مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية هناك، في خطاب الى مدير شركة «وارنر»: «لا نريد ان نعرقل ابداعاتكم في اختيار الفيلم الذي تريدون، والعنوان الذي تفضلون. لكننا نود لو انكم وضعتم في الاعتبار التعقيدات الاجتماعية وردود الفعل المختلفة». وقال مسؤول في شركة «وارنر» انهم لا يقصدون اساءة. وان هناك اسماء افلام كثيرة يمكن ان تفهم بصورة مختلفة حسب اختلاف الدول والثقافات. وانهم، فعلا، يبحثون في هذا الموضوع قبل اختيار اسم فيلم. لكنهم لم يروا في هذا الاسم ما يسيء.