بعد أن تسبب بوقوع عدة حالات طلاق في أكثر من محافظة يمنية بسبب غيرة الرجال منه، امتد تأثير "مهند"، بطل المسلسل التركي المدبلج "نور"، حتى إلى بيوت المتشددين دينياً، ليصبح سبباً في مشاكل زوجية لا تنتهي، للخلاف على إطلاق اسمه على المواليد الجدد.
ففي شرق العاصمة صنعاء، لم تكتمل فرحة زوجين بأول مولود لهما، وجمعوا الجيران على صراخهما المرتفع، وتبادلهما الشتائم، وصولاً لمحاولة الاشتباك بالأيدي، أما السبب فيعود لأن الأم أسمت مولودها "مهند"، في حين يصرّ الوالد على تسميته باسم والده.
وبعد تدخل الجيران، تم الاتفاق على الاحتكام للقرعة لحل المشكلة، لكنها زادتها تعقيداً، بعدما انتهت القرعة لصالح مهند، على حساب رغبة الأب، الذي رفض قبول النتيجة. فما كان من الأب إلا أن أرسل الأم ورضيعها إلى منزل أبيها، حالفاً أنه لن يعيدها إلا "بعد أن تخرج مهند من رأسها"، بحسب تقرير نشرته صحيفة "السياسة" الكويتية، الخميس 21-8-2008. ولم يكتف الزوج بذلك، ليتوعد مهند التركي بالموت، إن صادفه أو قابله في طريقه ذات يوم.
وليست هذه الحالة الأولى، إذ انتشر اسم مهند بكثرة بين المواليد الجدد في اليمن، من العاصمة صنعاء، وحتى المناطق الريفية. وأشار مصدر طبي للصحيفة، إلى أن مستشفى واحد خاص بالأطفال في العاصمة سجّل تسمية 6 مواليد جدد باسم مهند خلال شهر واحد.
طلاق وعسر ولادة
أما حالات الطلاق التي سجلت في اليمن، فوصل مجموعها إلى 5، وقعت إحداها في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، واثنتان في محافظة تعز واثنتان في صنعاء وعدن. كما تسبب المسلسل في ولادة متعسرة لمريضة في المستشفى "الجمهوري" في صنعاء بعد أن اهملتها الممرضات، لانشغالهن بمتابعة "نور".
لكن الحادثة الاغرب وقعت في مدينة صنعاء، حيث كان شاب ينتظر زفافه من فتاة بعد أيام، لولا رؤيته صورة "مهند" معلقة على جدار غرفة في منزل الخطيبة، ما دفعه لفسخ الخطوبة.
وبعد أيام، اكتشف أن شقيق الفتاة هو المعجب بمهند، وقد اعتاد جمع صور ابطال الافلام الامريكية والهندية والمسلسلات العربية والاجنبية في غرفته, ولم يكن للفتاة علاقة بتلك الصورة. لكن، حين عاد لاصلاح ما أفسده مهند، كانت الفتاة قد خطبت لآخر.
وفي محافظة ذمار، البعيدة من العاصمة صنعاء نحو 100 كيلو متر تقريباً جنوباً, استمع رجل الى خطيب مسجد يهاجم المسلسل التركي، وبطله فعاد الى المنزل والشر يتطاير من عينيه, فما كان منه وفقاً لأحد أقاربه الى أن حمل جهاز التلفزيون الى سوق حراج للبيع. وفي اليوم التالي عاد الى السوق نفسها لاسترجاعه، بعد أن أخبره ناصحون أن بإمكانه تشفير "قناة مهند" من دون التخلص من الجهازين.
متدينون يتابعون
وأنقسم اليمنيون تجاه المسلسل إلى 3 تيارات، الأول غاضب هجومي، والثاني متابع شغوف، أما القسم الثالث فشغلته الظروف المعيشية القاسية، والتهى عن أحداثه ووسامة بطله بتوفير متطلباتهم اليومية في ظل موجة الغلاء القاتل في أسعار المواد الغذائية, والاستعداد للعام الدراسي الجديد لالحاق ابنائهم بالمدارس او الجامعات.
كذلك انعكس الاهتمام الشعبي على صفحات الجرائد اليمنية، التي أفردت صفحات كاملة للمسلسل، تحليلاً وتقييماً ونقداً وتجريحاً, باستثناء قلة نظروا اليه نظرة متعقلة ومتفهمة.
ففي مقالة للكاتب يحيى الحدي، اورد رأي المتشددين تجاه المسلسل. وقال الكاتب إنه سأل متشدداً عن رأيه في "نور" وبطله، فثار و"زمجر" وبدأ بتوجيه باقة مختارة من الشتائم, ومن دعوات الدمار الشامل للمسلسل ولنجومه ولتركيا العلمانية التي تريد وفقاً لرأيه تدمير الشباب المسلم. ومن بين نجوم المسلسل, خص البطل مهند بالنصيب الاوفر من مفردات السب واللعن, حتى بدا وكأن بينه وبين الشاب "الحليوه" ثأراً قديماً او نزاعاً، بحسب ما يصف المقال.
ويكمل الحدي أن الإسلامي المتدين بدء بسرد كيف ان نور ومهند سافرا الى سيريلانكا وهما مطلقان, وهذا حرام شرعاً, واستنكر ظهور جميع نجمات العمل التلفزيوني من دون ارتداء الحجاب, باستثناء الجدة العجوز, واستغرب ايضاً اعجاب الفتيات بمهند, ففي مقاييسه هو شاب "مايع" لا يستحق الاعجاب, كما تحدث عن تفاصيل اخرى كثيرة ودقيقة اثبتت ان الرجل لم يشاهد المسلسل فقط، بل تابع كل حلقاته.
لكن الحدي اعتبر أن "نور" لا يستحق كل هذا الهجوم المبالغ فيه, "فهو يقدم نوعية من الحياة الخيالية التي يحلم بها الجميع, الحياة المرفهة النظيفة, والراقية, ناهيك عن جمال كل شيء, البشر, الامكنة, الملابس, والديكورات, اضافة الى الوجبة المكثفة من الرومانسية التي اصبحت مفقودة في عالم تطحنه الصراعات, وهموم المعيشة اليومية وتكسوه المشاعر الجامدة