رام الله-فلسطين برس- في مشهد غلب عليه الدموع والبكاء بحرقة الفراق , شيع المئات من الصحفيين اليوم, جثمان الزميل الصحفي فضل شناعة مصور وكالة 'رويترز' العالمية للأنباء, وسط حالة من الغضب والسخط والحزن على فراق رفيق دربهم الذي رفض أن يفارق هذه الحياة إلا باحتضان كاميرته التي أحبها وأحببته طوال سنوات عمله الشاقة .
دموع وحزن وبكاء حارق وحار وعلم فلسطين الواحد سبق الشهيد الصحفي شناعة وبالقرب منه شيع الصحفيون الكاميرا التي حملها دوما والسترة الواقية التي ارتداها لحمايته، ورددوا هتافات " يا فضل ارتاح ارتاح احنا بعدك نواصل الكفاح" .
جنازة إعلامية بامتياز سيارات ازدانت بصورة فضل شناعة واحدة يضع يده على وجهه ضاحكاً وأخرى يرتدي فيها نظارة شمسية وثالثة يرفع فيها تحية ورابعة بقرب الكاميرا وخامسة وسادسة...، فهي صور التقطها له زملاء المهنة أغلبها بالقرب من عدسة الكاميرا التي رافقت دربة كما الحذاء الأبيض الذي أحب دائماً أن ينتعله وسقط جسده الطاهر وهو ينتعله.
الصحفيون غالبهم البكاء الحارق بعضهم ضرب رأسه بعمود اسمنتي لا يصدق أن فضل مات وانتقل إلى عالم آخر حيث لن يراه بقربه بعد اليوم، آخر أطرق برأسه الباكي إلى الأرض يحادثها عن دماء فضل التي سالت، ورابع أطفأ الكاميرا فدموعه خانته وأشعلت وجنتيه...
وانطلق الصحفيون الفلسطينيون والأجانب برفقة عدد من قيادات فصائل العمل الوطني,من أمام ثلاجة الموتى بمستشفى الشفاء في مدينة غزة,حاملين على أكتافهم الشهيد شناعة,فيما يحملون نعشاً آخر عليه كاميراته الخاصة التي دمرت جراء القصف الإسرائيلي الوحشي الذي استهدف سيارته بمنطقة جحر الديك جنوب شرق المدينة أمس.
وردد الصحفيون شعارات منددة بالجرائم الإسرائيلية المتواصلة ضد شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية, وجريمة اغتيال الكلمة الصحافية، مطالبين بالتدخل العاجل لحماية الصحفيين.
وبعد أن أدى رفاقه النظرة الأخيرة عليه أمام برج الشروق بمدينة غزة حيث مكتب وكالة 'رويترز' وألقوا الورود على جثمانه تم نقله إلى مسقط رأسه بمدينة خانيونس جنوب القطاع لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه من قبل أهله وأصدقائه،ومن ثم يوارى جثمانه الثرى.
نضال المغربي رئيس قسم التحرير في وكالة رويترز بغزة قال :"أن آخر صور التقطها فضل تظهره يلتقط صورة لقذيفة ما وحينها قطع البث مما يعني أنه هناك فارق الحياة".
ووصف حازم أبو شنب القيادي في حركة فتح استهداف الصحفيين بـ"الجريمة الكبرى وان الاحتلال الإسرائيلي يستهدف كل شيء ولا يعرف اتفاقيات جنيف وان اغتيال شناعة تستهدف طمس الحقيقة وقتل أفلام المصورين، قائلاً:" لابد من نقل الحقيقة ونقلها للعالم لأنها مهنة الصحفيين وضمير الشعب الفلسطيني".
ويكشف تقرير طبي يوم الخميس " إن سهاما معدنية من قذيفة دبابة إسرائيلية انفجرت في الجو هي التي تسببت استشهاد المصور شناعة يوم الأربعاء في قطاع غزة".
وأظهرت الأشعة السينية التي عرضها الأطباء الفلسطينيون الذين فحصوا جثة فضل شناعة (23 عاما) عددا من السهام المثيرة للجدل وقد اخترقت صدر وساقي شناعة.
كما عثر على عدد من السهام ويبلغ طول الواحد منها ثلاثة سنتيمترات في سترة شناعة التي كتب عليها "صحافة" بلون لامع وأيضا في عربته غير المدرعة والتي كتب عليها أيضا "تلفزيون" و"صحافة".
وقال ديفيد شليزنجر رئيس تحرير رويترز للأنباء "أدلة الفحص الطبي تبرز أهمية إجراء قوات الدفاع الإسرائيلية والحكومة لتحقيق سريع ونزيه ومحايد."
وأضاف شليزنجر "العلامات على عربة فضل شناعة تظهر بوضوح ودون لبس انه صحفي محترف يؤدي واجبه. يجب أن نعمل نحن والجيش معا بسرعة لنفهم لماذا حدثت هذه المأساة وكيف يمكن تفادي حوادث مماثلة في المستقبل."
وذكر شهود الأربعاء " أن اثنين من المارة استشهدا في نفس الانفجار الذي قتل فيه شناعة خلال ضربة عسكرية إسرائيلية لقطاع غزة يوم الأربعاء.
وكانت السيارة التي يستقلها توقفت لتوها وكان بصدد الترجل منها حينما وقع الانفجار حين كان شناعة يهم بتصوير دبابة إسرائيلية على بعد مئات الأمتار.
وأظهر فيلم بداخل الكاميرا الخاصة بشناعة دبابة على بعد مئات الأمتار وهي تطلق قذيفة. وبعدها انقطع التصوير. ويبدو أن تلك هي اللحظة التي أصيب فيها شناعة.
وبعد فحص دقيق للقطات الفيلم كل كادر على حدة أظهر الشريط القذيفة تنفجر في الهواء وأجساما سوداء تنطلق منها.
ويعمل شناعة مع رويترز في غزة منذ أكثر من ثلاثة أعوام. وأصيب في أغسطس اب 2006 حينما أطلقت طائرة إسرائيلية صاروخا على سيارة كان يستقلها. وكانت تلك السيارة مصفحة وتحمل أيضا علامات تظهر أنها تابعة لمؤسسة إعلامية.
لم يكن شناعة متزوجا وكان شخصا محبوبا بين فريق التغطية الإخبارية الخاص برويترز في قطاع غزة المكون من 15 فردا. وفي الشهر الماضي كرمت جمعية التلفزيون الملكية البريطانية هذا الطاقم بسبب تغطيته للقتال الذي دار بين الفصائل الفلسطينية في العام الماضي في قطاع غزة.